الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا لم نطلع على حديث صريح في أن من واظب على صلاتي العشاء والفجر في جماعة برئ من النفاق، لكن ثبت أن هاتين الصلاتين هما أثقل الصلوات على المنافقين، ولا شك أن المواظبة على حضورهما جماعة دليل على بعد الشخص من النفاق، لأن المنافق لا يوفق لذلك ـ والعياذ بالله تعالى ـ وثبت أن من صلاهما جماعة كان كمن قام الليل كله، ففي البخاري وغيره من حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً. هذه رواية البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرح الحديث: ودل هذا على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين ومنه قوله تعالى: ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ـ وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرهما لقوة الداعي إلى تركهما، لأن العشاء وقت السكون والراحة، والصبح وقت لذة النوم، وقيل: وجهه كون المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما من الفضل لقيامهم بحقهما دون المنافقين. انتهى.
وفي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
ورواه الترمذي بلفظ: من شهد العشاء في جماعة كان له قيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة.
ورواه أبو داود بلفظ: من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة. وكلاهما عن عثمان أيضاً.
وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق. والحديث حسنه الألباني.
قال في تحفة الأحوذي: قال الطيبي: أي يؤمنه في الدنيا أن يعمل عمل المنافق ويوفقه لعمل أهل الإخلاص، وفي الآخرة يؤمنه مما يعذبه المنافق ويشهد له بأنه غير منافق، يعني بأن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وحال هذا بخلافهم، كذا في المرقاة. انتهى.